الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أحكام القرآن ***
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ أَمْرِهِ أَنْ يُطَلَّقَ النِّسَاءُ لِعِدَدِهِنَّ: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} فَأَمَرَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ بِإِحْصَائِهَا لِيَقِفُوا بِذَلِكَ عَلَى أَوَّلِهَا، وَعَلَى الْوَقْتِ الَّذِي بِهِ تَحِلُّ الْمُعْتَدَّةُ مِنَ الْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا، وَعَلَى انْقِطَاعِ الْوَاجِبِ لَهَا كَانَ فِيهَا عَلَى مُطَلِّقِهَا ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: { لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، فَأَمَرَ عَزَّ وَجَلَّ الْمُطَلِّقِينَ بِإِسْكَانِ الْمُطَلَّقَاتِ، وَأَلا يُخْرِجُوهُنَّ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمُرَادِ بِتِلْكَ الْفَاحِشَةِ الْمُبَيِّنَةِ مَا هُوَ، فَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ ما: 1802- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، قَالَ: " الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تَفْحُشَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَتُؤْذِيَهُمْ " وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ خِلافُ هَذَا الْمَعْنَى كَما: 1803- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، أَنَّ ابْنَ عُمَرَ، قَالَ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، قَالَ: " خُرُوجُهَا مِنْ بَيْتِهَا فَاحِشَةٌ مُبَيِّنَةٌ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِمَا من أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا أَعْلَمُهُ إِلا وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تَزْنِيَ فَتَخْرُجَ لِيُقَامَ عَلَيْهَا الْحَدُّ، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ فِي ذَلِكَ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْمُطَلَّقَاتِ لا يخرُجْنَ مِنْ بُيُوتِهِنَّ قَبْلَ أَنْ تَكُونَ مِنْهُنَّ الْفَاحِشَةُ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ أَمَرَ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ، لَمَّا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلاقًا تَامًّا، بِالنُّقْلَةِ فِي عِدَّتِهَا، فَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: إِنَّ ذَلِكَ كَانَ لِبَذَاءٍ كَانَ فِيهَا وَاسْتَشْهَدُوا فِي ذَلِكَ بِالتَّأْوِيلِ الَّذِي رُوِيَ فِي هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي تَأْلِيفِهَا، وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ وَسَنَذْكُرُ الآثَارَ الْمَذْكُورُ فِيهَا اخْتِلافُهُمْ فِي ذَلِكَ فِيمَا بَعْدُ إِنْ شَاءَ اللهُ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ هُوَ الْمُرَاجَعَةُ، وَهَذَا مِنَ الْمُحْكَمِ الَّذِي لا نَعْلَمُ فِي الْمُرَادِ بِهِ اخْتِلافًا وَأَمَّا قَوْلُهُ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ قُرْبُ بُلُوغِ الأَجَلِ، لا حَقِيقَةُ بُلُوغِ الأَجَلِ، لأَنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا خَرَجَتْ مِنْ عِدَّتِهَا، وَمَلَكَتْ نَفْسَهَا، وَارْتَفَعَتْ عَنْهَا رَجْعَةُ زَوْجِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إِمْسَاكُهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَالدَّلِيلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الآيَةِ الأُخْرَى: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ} فَإِذَا كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِمْ عَضْلُهُنَّ عَنْ نِكَاحِ الأَزْوَاجِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَبُلُوغِ الأَجَلِ، كَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى خُرُوجِهِنَّ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الأَزْوَاجِ الْمُطَلِّقِينَ وَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ فِي الآيَةِ الأُولَى هُوَ قُرْبُ الْبُلُوغِ الَّذِي فِي الآيَةِ الأُخْرَى، لأَنَّهُ جَعَلَ فِي الآيَةِ الأُولَى الإِمْسَاكَ، وَالْفُرْقَةَ إِلَى الأَزْوَاجِ، وَفِي الآيَةِ الأُخْرَى إِطْلاقُ النِّكَاحِ لِلْمُطَلَّقَاتِ، وَالنَّهْيُ عَنْ عَضْلِهِنَّ عَنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ لا يَكُونُ إِلا بَعْدَ زَوَالِ حُقُوقِ الأَزْوَاجِ الَّتِي لَهُمْ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، فَذَلِكَ قَدْ أُمِرَ بِهِ الأَزْوَاجُ الْمُطَلِّقُونَ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لا تَكُونُ مُرَاجَعَةٌ إِلا بِذَلِكَ، وَلا تَكُونُ مُرَاجَعَةٌ بِغَيْرِهِ مِنْ قَوْلٍ، وَلا جِمَاعٍ، وَلا قُبْلَةٍ، وَلا مَا سِوَى ذَلِكَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: قَدْ تَكُونُ الْمُرَاجَعَةُ بِالإِشْهَادِ عَلَيْهَا، وَبِغَيْرِ الإِشْهَادِ عَلَيْهَا، وَبِالْجِمَاعِ، وَبِالْقُبْلَةِ لِشَهْوَةٍ، وَمِمَّا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لا يَكُونُ إِلا مِنَ الأَزْوَاجِ، وَمِمَّا يَمْنَعُ مِنْهُ الْخُرُوجُ عَنِ النِّكَاحِ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، إِلا أَنَّهُمْ قَالُوا: يَنْبَغِي لِمَنْ رَاجَعَ بِغَيْرِ إِشْهَادٍ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى ارْتِجَاعِهِ الَّذِي كَانَ مِنْهُ كَمَا أَمَرَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي هَذِهِ الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ ما: 1804- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، " فِي رَجُلٍ طَلَّقَ وَلَمْ يُشْهِدْ، وَرَاجَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ، قَالَ: بِئْسَ مَا صَنَعَ طَلَّقَ فِي غَيْرِ عِدَّةٍ، وَرَاجَعَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ، لِيُشْهِدْ عَلَى مَا صَنَعَ ". 1805- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عُبَادَةَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ، وَالْحَسَنِ، عَنْ عِمْرَانَ، نَحْوَهُ. 1806- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْعَلاءِ بْنِ زِيَادٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عِمْرَانَ، قَالَ: " أَشْهِدْ عَلَى طَلاقِكَ وَعَلَى مُرَاجَعَتِكَ، وَاسْتَغْفِرِ اللهَ ". 1807- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ يَزِيدَ الرِّشْكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُطَرِّفٌ، عَنْ عِمْرَانَ، " فِيمَنْ طَلَّقَ وَاحِدَةً، ثُمَّ وَقَعَ بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ عَلَى طَلاقِهَا، وَلا عَلَى رَجْعَتِهَا، فَقَالَ: طَلَّقَ لِغَيْرِ عِدَّةٍ، وَرَاجَعَ لِغَيْرِ سُنَّةٍ، لِيُشْهِدْ عَلَى طَلاقِهِ وَعَلَى رَجْعَتِهَا، وَلا يَعُدْ " فَقَدْ دَلَّ قَوْلُ عِمْرَانَ: رَاجَعْتَ فِي غَيْرِ سُنَّةٍ، أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ الْجِمَاعَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ رَجْعَةً، وَإِنْ كَانَ قَدْ تَرَكَ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ مَأْمُورًا بِهِ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ، وَكَانَ الطَّلاقُ الَّذِي يُوجِبُ الرَّجْعَةَ غَيْرَ مُزِيلٍ لِحُقُوقِ النِّكَاحِ مِنَ الْمِيرَاثِ، وَمِنَ ارْتِجَاعِ النِّسَاءِ الْمُطَلَّقَاتِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِنَّ، وَمِنْ وُجُوبِ ذَلِكَ عَلَيْهِنَّ، وَرُجُوعِهِنَّ بِهِ إِلَى مَا كُنَّ عَلَيْهِ قَبْلَ الطَّلاقِ بِلا صَدُقَاتٍ تَجِبُ لَهُنَّ عَلَى الأَزْوَاجِ الْمُرَاجِعِينَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ فِي حُكْمِ اسْتِئْنَافِ النِّكَاحِ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ النِّكَاحَ الأَوَّلَ قَائِمٌ بَعْدَ الطَّلاقِ، غَيْرَ مُنْقَطِعٍ دُونَ الْخُرُوجِ مِنَ الْعِدَّةِ، وَكُنَّ لَوْ خَرَجْنَ مِنَ الْعِدَّةِ وَقَعَتِ الْبَيْنُونَةُ، وَزَالَ النِّكَاحُ، فَلَمْ يَعُدْنَ أَزْوَاجًا إِلا بِمَا كُنَّ بِهِ أَزْوَاجًا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِنَّ عَقْدُ نِكَاحٍ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّ إِلَى الأَزْوَاجِ الْمُطَلِّقِينَ قَطْعَ تِلْكَ الْعِدَدِ حَتَّى لا تَحْدُثُ الْبَيْنُونَاتُ فِي الطَّلاقِ وَلَمَّا كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ بِالأَقْوَالِ مَعَ الإِشْهَادِ كَانَ لَهُمْ بِالأَقْوَالِ دُونَ الإِشْهَادِ، وَبِالدَّلائِلِ عَلَى مَا يُرَادُ بِالأَقْوَالِ وَفِي الآيَةِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ الإِشْهَادَ إِنَّما هُوَ بَعْدَ الرَّجْعَةِ، لأَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، أَيْ رَاجِعُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ، {أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، أَيْ خَلُّوا عَنْهُنَّ حَتَّى يَبِنَّ مِنْكُمْ بِمَعْرُوفٍ، فَيَنْكِحْنَ مَنْ بَدَا لَهُنَّ ثَمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ بَعْدَ ذَلِكَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ}، أَيْ عَلَى مَا كَانَ مِنْكُمْ مِنْ هَذَيْنِ الْفِعْلَيْنِ وَكَانَ أَحَدُ الْفِعْلَيْنِ قَدْ يَكُونُ بِلا إِشْهَادٍ وَهُوَ التَّرْكُ حَتَّى تَكُونَ الْفُرْقَةُ، كَانَ الآخَرُ أَيْضًا كَذَلِكَ يَكُونُ بِلا إِشْهَادٍ وَهُوَ الْمُرَاجَعَةُ وَوَجَدْنَا كُلَّ إِشْهَادٍ أُمِرَ بِهِ فِي الْقُرْآنِ لِمَعْنًى قَدْ تَقَدَّمَهُ، لَيْسَ مِمَّا لا بُدَّ مِنْهُ، وَإِنَّمَا عَلَى سَبِيلِ النَّدْبِ إِلَى ذَلِكَ لِخَوْفِ عَاقِبَةٍ فِيهِ أَوْ مَا سِوَاهَا كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ فِي الدَّيْنِ: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ}، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ وُجُوبِ الدَّيْنِ، وَكَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ}، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ التَّبَايُعِ، وَكَانَ الدَّيْنُ وَالْبَيْعُ لَوْ لَمْ يُشْهَدْ فِيهِمَا كَانَا جَائِزَيْنِ، كَانَ كَذَلِكَ الرَّجْعَةُ تَكُونُ جَائِزَةً وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ، وَلا نَعْلَمُ لَهُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا وَقَدْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ كَما: 1808- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، وَجَابِرٍ، عَنْ عَامِرٍ، قَالَ: " إِذَا جَامَعَ وَلَمْ يُشْهِدْ فَهِيَ رَجْعَةٌ وَيُشْهِدُ ". 1809- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنِ النَّخَعِيِّ، قَالَ: " غَشَيَانُهُ لَهَا فِي الْعِدَّةِ مُرَاجَعَةٌ ". 1810- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ مَطَرٍ، عَنِ الْحَكَمِ، وَعَطَاءٍ، مثله. 1811- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ طَاوُسًا عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ وَلَمْ يُشْهِدْ، فَقَالَ: وَمَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: جَهِلَ، وَيُشْهِدُ إِذَا عَلِمَ " يَعْنِي عَلِمَ بِجَهَالَتِهِ فَهَذَا طَاوُسٌ قَدْ أَمَرَ بِالإِشْهَادِ عَلَى الطَّلاقِ، وَكَمَا أَمَرَ بِالإِشْهَادِ عَلَى الرَّجْعَةِ، لا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لا بُدَّ مِنْهُ، وَمِمَّا لا يَكُونُ مُطَلِّقًا إِلا بِهِ. 1812- حَدَّثَنَا يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ، سَمِعَ مَطَرًا، يُحَدِّثُ عَنِ الْحَسَنِ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالا: " غَشَيَانُهُ لَهَا فِي الْعِدَّةِ مُرَاجَعَةٌ " فَقَدْ قَالَ بِهَذَا مِنَ التَّابِعِينَ مَنْ ذَكَرْنَا مِنَ التَّابِعِينَ فِي هَذِهِ الآثَارِ، وَلا نَعْلَمُ لِلْمُخَالِفِ لِهَذَا الْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ إِمَامًا كَأَحَدٍ مِنْ هَؤُلاءِ ثُمَّ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} فَالْمُرَادُ بِذَلِكَ، وَاللهُ أَعْلَمُ، أَنَّهُ مَنْ يَتَّقِ اللهَ فَيُطَلِّقُ كَمَا أَمَرَهُ يَكُنْ لَهُ مَخْرَجًا بِالرَّجْعَةِ الَّتِي قَدْ جَعَلَهَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ما: 1813- قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، وَحُمَيْدٍ الأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، أَنَّ رَجُلا، قَالَ لابْنِ عَبَّاسٍ: رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ مِائَةً؟ فَقَالَ: " أَغْضَبْتَ رَبَّكَ، وَبَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ، لَمْ تَتَّقِ اللهَ فَيَجْعَلْ لَكَ مَخْرَجًا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {" يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ فِي قُبُلِ عِدَّتِهِنَّ ". 1814- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: إِنَّ عَمِّي طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثًا فَقَالَ " إِنَّ عَمَّكَ عَصَى اللهَ فَآثَمَهُ، وَأَطَاعَ الشَّيْطَانَ، فَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا " وَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} فَأَمَّا اللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ فَمِنَ النِّسَاءِ الْقَوَاعِدِ اللائِي قَدْ خَرَجْنَ عَنِ الْمَحِيضِ فَصِرْنَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ، وَيَئِسْنَ مِنْهُ، وَلا يَكُونُ مُوئِسًا مِنْ شَيْءٍ مَنْ يَرْجُوهُ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ انْقِطَاعُ الْحَيْضِ، وَارْتِفَاعُ الرَّجَاءِ فِيهِ وَأَمَّا الارْتِيَابُ الْمَذْكُورُ فِي هَذِهِ الآيَةِ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِيهِ مَا هُوَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: إِذَا طُلِّقَتِ الْمَرْأَةُ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا مِمَّا لا يُدْرَى مَا رَفَعَهُ عَنْهَا، أَنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ تَحِضِ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ خَرَجَتْ مِنْهُنَّ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ فَقَدْ خَرَجَتْ مِنَ الْعِدَّةِ، وَحَلَّتْ لِلأَزْوَاجِ، وَجَعَلُوا ارْتِفَاعَ الْحَيْضِ عَنْهَا هَذِهِ التِّسْعَةَ الأَشْهُرَ، هِيَ الرِّيبَةُ الَّتِي جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعِدَّةَ فِيهَا ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ، كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي تَرْفَعُهَا حَيْضَتُهَا حِينَ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا، أَنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ لَمْ تَحِضِ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ اسْتَقْبَلَتِ الْحَيْضَ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّانِيَةَ قَبْلَ أَنْ تَسْتَكْمِلَ الثَّلاثَةَ الأَشْهُرَ، اسْتَقْبَلَتِ الْحَيْضَ، فَإِنْ مَرَّتْ بِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنْ حَاضَتِ الثَّالِثَةَ كَانَتْ قَدِ اسْتَكْمَلَتْ عِدَّةَ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ تَحِضِ اسْتَكْمَلَتِ الثَّلاثَةَ الأَشْهُرَ، ثُمَّ حَلَّتْ، وَلِزَوْجِهَا عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ الرَّجْعَةَ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ إِلا أَنْ يَكُونَ بَتَّ طَلاقَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ما يدل على هذا المذهب. 1815- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: " أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنِ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ الأَشْهُرِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ ". 1816- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، حَدَّثَهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: قَضَى عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " أَيُّمَا امْرَأَةٍ طُلِّقَتْ فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا، فَإِنَّهَا تَنْتَظِرُ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، فَإِنِ اسْتَبَانَ بِهَا حَمْلٌ فَذَلِكَ وَإِلا اعْتَدَّتْ بَعْدَ التِّسْعَةِ الأَشْهُرِ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ، ثُمَّ حَلَّتْ " فَقُلْتُ لِيَحْيَى: أَتَحْتَسِبُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِمَا خَلا مِنْ حَيْضَتِهَا؟ فَقَالَ: لا، وَلَكِنَّهَا تَأْتَنِفُ السَّنَةَ حِينَ يَرْقَى الْحَيْضُ. 1817- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: " سُئِلَ قَتَادَةُ عَنِ امْرَأَةٍ حَاضَتْ حَيْضَتَيْنِ فِي شَهْرَيْنِ، ثُمَّ ارْتَفَعَ حَيْضُهَا فَلَمْ تَحِضْ سَنَةً، قَالَ: زَعَمَ عِكْرِمَةُ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ: قَالَ: تِلْكَ الرِّيبَةُ " وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: الارْتِيَابُ إِنَّمَا هُوَ ارْتِيَابُ الْمُخَاطَبِينَ فِي الْعِدَّةِ لِلآيِسَةِ الْمُطَلَّقَةِ مَا هِيَ، ثُمَّ أَعْلَمَهُمْ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهَا ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ، فَكَانَ مَعْنَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَهُمْ: {إِنِ ارْتَبْتُمْ}، أَيْ إِنْ شَكَكْتُمْ فِي الْوَاجِبِ عَلَيْهِنَّ مِنَ الْعِدَدِ، إِذْ كُنَّ لا يَحِضْنَ، مَا هُوَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مِمَّنْ قَدْ يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَأَحَاطَتْ عِلْمًا أَنَّهَا مِمَّنْ لا يَكُونُ مِنْهُ حَيْضٌ وَلا حَمْلٌ، أَنَّهُ لَمْ تُرْفَعْ عَنْهَا تِلْكَ الْعِدَّةُ، وَأَنَّ الْعِدَّةَ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الرِّيبَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الآيَةِ لَيْسَتْ مِنْ قِبَلِ الْمَرْأَةِ فِي حَمْلٍ يَكُونُ بِهَا عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ غَيْرُهُمْ، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ إِنَّمَا هُوَ لِرِيبَتِهَا فِي نَفْسِهَا فِي حَمْلِ بَطْنِهَا، لَكَانَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهَا لا تَحْمَلُ، وَمِمَّنْ قَدْ أَتَتْ عَلَيْهَا تِسْعُونَ سَنَةً، أَوْ مِمَّنْ لَمْ تَبْلُغْ، تَسْقُطُ عَنْهَا الْعِدَّةُ فَفِي إِثْبَاتِهِمْ إِيَّاهَا عَلَيْهَا وَنُزُولِ الْقُرْآنِ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرِّيبَةَ الَّتِي هِيَ فِي هَذِهِ الآيَةِ إِنَّمَا هِيَ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ فِي شَكِّهِمْ فِي نَفْسِ الْعِدَّةِ مِمَّنْ لا حَيْضَ لَهَا مَا هِيَ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَالشَّافِعِيُّ وَفِي الآيَةِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ، لأَنَّهُ جَلَّ وَعَزَّ قَالَ: {إِنِ ارْتَبْتُمْ}، وَلَمْ يَقُلْ: ارْتَبْتُنَّ وَرُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَذَاهِبَهُمْ فِي هَذَا خِلافُ الْمَذْهَبِ الأَوَّلِ الَّذِي عَنْ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ. 1818- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ، وَابْنُ سَمْعَانَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَهُمَا " أَنَّ رَجُلا مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ: حَبَّانُ بْنُ مُنْقِذٍ كَانَتْ عِنْدَهُ هِنْدُ ابْنَةُ رَبِيعَةَ وَامْرَأَةٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَطَلَّقَ الأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ ابْنَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ، فَمَكَثَتْ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ قَرِيبًا مِنْ ثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ لا تَحِيضُ، يَمْنَعُهَا الرَّضَاعُ أَنْ تَحِيضَ، ثُمَّ مَرِضَ حَبَّانُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ امْرَأَتَكَ تَرِثُكَ إِنْ مِتَّ، فَقَالَ لأَهْلِهِ: احْمِلُونِي إِلَى عُثْمَانَ فَحَمَلُوهُ إِلَيْهِ، فَذَكَرَ لَهُ شَأْنَ امْرَأَتِهُ، وَعِنْدَهُ عَلِيٌّ وَزَيْدٌ، فَقَالَ لَهُمَا عُثْمَانُ: مَاذَا تَرَيَان؟ فَقَالا: نَرَى أَنَّهَا تَرِثُهُ إِنْ مَاتَ، وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ مَاتَتْ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الأَبْكَارِ اللائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى حَيْضِهَا مَا كَانَتْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْهَا أَنْ تَحِيضَ إِلا الرَّضَاعُ فَرَجَعَ حَبَّانُ إِلَى أَهْلِهِ فَانْتَزَعَ ابْنَهُ مِنْهَا، فَلَمَّا فَقَدَتِ الرَّضَاعُ حَاضَتْ حَيْضَةً، ثُمَّ حَاضَتْ أُخْرَى فِي الْهِلالِ، ثُمَّ اشْتَدَّ بِحَبَّانَ وَجَعُهُ قَبْلَ أَنْ تَحِيضَ الثَّالِثَةَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ حِبَّانُ عَلَى رَأْسِ السَّنَةِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهَا، فَاخْتَصَمَتِ الْمَرْأَتَانِ إِلَى عُثْمَانَ، فَشَرَكَ بَيْنَهُمَا فِي الْمِيرَاثِ، وَأَمَرَ الأَنْصَارِيَّةَ أَنْ تَعْتَدَّ عِدَّةَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا، ثُمَّ قَالَ لِلْهَاشِمِيَّةِ: هَذَا رَأْيُ ابْنِ عَمِّكِ، يَعْنِي عَلِيًّا، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا " فَقَالَ قَائِلٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: إِنَّهُ مَاتَ عَلَى رَأْسِ السَّنَةِ أَوِ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْحَقِيقَةُ فِي ذَلِكَ مَوْتُهُ قَرِيبًا مِنَ السَّنَةِ، وَذَلِكَ يُوجِبُ لَهَا الْمِيرَاثَ، إِذْ كَانَتْ لَمْ تَخْرُجْ مِنَ الْعِدَّةِ، لأَنَّهَا إِنَّمَا تَخْرُجُ مِنْهَا لِتَمَامِ السَّنَةِ قِيلَ لَهُ: فَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الطَّرِيقِ بِتَحْقِيقِ مُضُيِّ السَّنَةِ بِغَيْرِ شَكٍّ كَمَا شَكَّ ابْنُ شِهَابٍ. 1819- كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، أَنَّهُ قَالَ: " كَانَ عِنْدَ جَدِّهِ حَبَّانَ امْرَأَتَانِ: هَاشِمِيَّةٌ، وَأَنْصَارِيَّةٌ، فَطَلَّقَ الأَنْصَارِيَّةَ وَهِيَ تُرْضِعُ، فَمَرَّتْ بِهِ سَنَةٌ، ثُمَّ هَلَكَ وَلَمْ تَحِضْ، فَقَالَتْ: أَنَا أَرِثُهُ وَلَمْ أَحِضْ فَاخْتَصَمَتَا إِلَى عُثْمَانَ، فَقَضَى لَهَا بِالْمِيرَاثِ، فَلامَتِ الْهَاشِمِيَّةُ عُثْمَانَ، فَقَالَ لَهَا: هَذَا عَمَلُ ابْنِ عَمِّكِ، هُوَ أَشَارَ عَلَيْنَا بِهَذَا "، يَعْنِي عَلِيًّا فَفِي هَذَا قَوْلُ عُثْمَانَ وَزَيْدٍ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ، أَنَّ عَلِيًّا وَزَيْدًا قَالا لِعُثْمَانَ: " إِنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ، وَلَيْسَتْ مِنَ الأَبْكَارِ اللائِي لَمْ يَحِضْنَ، فَهِيَ عِنْدَهُ عَلَى حَيْضِهَا مَا كَانَتْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ " فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الرِّيبَةَ الَّتِي فِي الآيَةِ الَّتِي تَلَوْنَا لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُمَا ارْتِيَابُ الْمَرْأَةِ بِنَفْسِهَا، وَلَكِنَّهَا ارْتِيَابُ الشَّاكِّينَ فِي ذَلِكَ مِنَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا، وَأَنَّهَا لا تَكُونُ مُوئِسًا حَتَّى تَكُونَ مِنَ الْقَوَاعِدِ اللائِي لا يُرْجَى مِنْهُنَّ الْحَيْضُ، وَتَابَعَهُمَا عُثْمَانُ عَلَى ذَلِكَ فَقَضَى بِهِ وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَرُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ ما: 1820- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ، قَالَ: سَأَلْتُ إِبْرَاهِيمَ، فَحَدَّثَنِي عَنْ عَلْقَمَةَ، أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَةً تَطْلِيقَةً أَوْ تَطْلِيقَتَيْنِ، فَحَاضَتْ حَيْضَةً أَوْ حَيْضَتَيْنِ، ثُمَّ مَكَثَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا، فَوَرَّثَهُ عَبْدُ اللهِ مِنْهَا، وَقَالَ: " حَبَسَ اللهُ مِيرَاثَهَا ". 1821- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ، عن سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، مِثْلَهُ إِلا أَنَّهُ قَالَ: سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَلَمْ يَشُكَّ فَهَذَا عَبْدُ اللهِ لَمْ يَجْعَلْهَا بِمُضِيِّ السَّنَةِ خَارِجَةً مِنَ الْعِدَّةِ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ مَذْهَبَهُ فِي ذَلِكَ كَمَذْهَبِ عُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ، وَزَيْدٍ وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ كَانَ الأَوْلَى بِنَا فِيهِ حَمْلُ الآيَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا، وَأَلا يُلْحَقَ بِظَاهِرِهَا مَا لا يَقُومُ لَنَا بِهِ الْحُجَّةُ أَنَّهُ فِي بَاطِنِهَا وَكَانَ الَّذِينَ يَذْهَبُونَ إِلَى الْقَوْلِ الأَوَّلِ مِنَ الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا، قَدْ وَقَّتُوا الإِياسَ تِسْعَةَ أَشْهُرٍ، وَلَمْ نَجِدْ ذَلِكَ مَنْصُوصًا فِي كِتَابٍ، وَلا سُنَّةٍ، وَلا مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَبَطَلَ وُجُوبُ قَبُولِ ذَلِكَ وَلَمَّا بَطَلَ وُجُوبُ قَبُولِ ذَلِكَ ثَبَتَ الْقَوْلُ الآخَرُ الَّذِي لا تَوْقِيتَ فِيهِ، وَلا خُرُوجَ فِيهِ عَنِ الآيَةِ فِي ذَلِكَ، وَلا دَعْوَى مَعَ أَهْلِهِ لِنَاظِرٍ فِيهَا، لا حُجَّةَ لَهُ فِيهِ تُوجِبُ ذَلِكَ وَأَمَّا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْأَةِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، مَاذَا تَنْقَضِي بِهِ عِدَّتُهَا مِنْ وَفَاتِهِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: لا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا إِلا بِآخِرِ الأَجَلَيْنِ مِنْ وَضْعِ حَمْلِهَا، أَوْ مُضُيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ عَلَيْهَا وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ. 1822- كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ خِلاسٍ، أَنَّ عَلِيًّا، قَالَ: " تَعْتَدُّ الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا آخِرَ الأَجَلَيْنِ ". 1823- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ الْحَسَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ مَعْقِلٍ، يَقُولُ: " شَاهَدْتُ عَلِيًّا يُسْأَلُ عَنِ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ: تَعْتَدُّ آخِرَ الأَجَلَيْنِ " فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ يَقُولُ: لِتَبْتَغِي بِنَفْسِهَا، فَقَالَ: إِنَّ فَرُّوجًا لا تَعْلَمُ شَيْئًا فَبَلَغَ ذَلِكَ أَبَا مَسْعُودٍ، فَقَالَ: بَلَى، إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ الآخَرَ فَالآخَرُ سِرٌّ ". 1824- حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قَالَ: " الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَنْتَظِرُ آخِرَ الأَجَلَيْنِ "، يَعْنِي إِذَا كَانَتْ حَامِلا وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ، فَقَالُوا: عِدَّتُهَا أَنْ تَضَعَ حَمْلَهَا، فَإِذَا وَضَعَتْ قَدْ حَلَّتْ وَرَوَوْا ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَابْنِهِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ فَأَمَّا مَا رَوَوْهُ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ فَقَدْ دَخَلَ فِي حَدِيثِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَأَمَّا الآخَرُونَ فَإِنَّ: 1825- يُونُسُ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، سَمِعَ سَالِمًا، يَقُولُ: سَمِعْتُ رَجُلا، يَقُولُ لأَبِي، سَمِعْتُ أَبَاكَ، يَقُولُ: " إِذَا وَضَعَتِ الْحَامِلُ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا ذَا بَطْنِهَا، وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ، فَقَدْ حَلَّتْ ". 1826- حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: إِذَا وَضَعَتْ فَقَدْ حَلَّتْ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، يَقُولُ: " إِذَا وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا وَزَوْجُهَا عَلَى السَّرِيرِ قَبْلَ أَنْ يَدَلَّى فِي حَفْرَتِهِ فَقَدِ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ". 1827- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: " إِنْ وَلَدَتِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِيَوْمٍ فَقَدْ حَلَّتْ " فَهَذَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ فَسَنَذْكُرُ مَا رُوِيَ عَنْهُمَا فِي بَقِيَّةِ هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللهُ، غَيْرَ أَنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ خِلافٌ لِهَذَا الْقَوْلِ وَمُوَافَقَةٌ لِمَذْهَبِ عَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَلَمَّا اخْتَلَفُوا هَذَا الاخْتِلافَ وَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ فِيمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْمَذْهَبَيْنِ؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَإِذَا: 1828- يُونُسُ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَهُ، أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ، فَيَسْأَلُهَا عَنْ حَدِيثِهَا، وَعَمَّا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ اسْتَفْتَتْهُ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَبْدِ اللهِ: " أَنْ سُبَيْعَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ بْنِ خَوْلَةَ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا، فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهِيَ حَامِلٌ، فَلَمْ تَمْكُثْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ، فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ، رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَقَالَ لَهَا: مَالِي أَرَاكِ مُتَجَمِّلَةً، لَعَلَّكِ تُرِيدِينَ النِّكَاحَ؟ إِنَّكِ وَاللهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى يَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَيَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ، فَأَفْتَانِي أَنِي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي، وَأَمَرَنِي بِالتَّزْوِيجِ إِنْ بَدَا لِي ". 1829- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ بْنِ بَعْكَكٍ، أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِثَلاثٍ وَعِشْرِينَ أَوْ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَتَشَوَّفَتْ لِلنِّكَاحِ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " إِنْ تَفْعَلْ فَقَدْ خَلا أَجَلُهَا ". 1830- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ جَنَّادٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الطَّالْقَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْبَكَّائِيُّ، عَنِ الأَعْمَشِ، وَمَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي السَّنَابِلِ، مِثْلَهُ. 1831- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ، " أَنَّ سُبَيْعَةَ تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَوَلَدَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِيَسِيرٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَنْكِحَ ". 1832- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَهْبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى سُبَيْعَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ، وَكَانَ زَوْجُهَا سَعْدُ بْنُ خَوْلَةَ تُوُفِّيَ عَنْهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ، قَالَتْ: فَلَمَّا مَضَى شَهْرَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَضَعْتُ، فَخَطَبَنِي أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ، فَتَهَيَّأْتُ لِنِكَاحِهِ، فَدَخَلَ عَلَيَّ حَمْوِي، وَقَدْ كَانَ يُرِيدُنِي، فَقَالَ: مَا لَكِ يَا سُبَيْعَةُ قَدْ تَهَيَّأْتِ لِلنِّكَاحِ؟ قَالَتْ: قُلْتُ، أَجَلْ قَالَ: كَلا وَاللهِ إِنَّهُ لآخِرُ الأَجَلَيْنِ فَجِئْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " نَعَمْ، تَزَوَّجِي ". 1833- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِسْحَاقَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَبَيْنَا أَنَا جَالِسٌ مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمَعِيَ أَبُو هُرَيْرَةَ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ يَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: آخِرُ الأَجَلَيْنِ قَالَ قُلْتُ: قَدْ حَلَّتْ قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَا مَعَ ابْنِ أَخِي أَقُولُ كَمَا قَالَ قَالَ: فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلِمَ فَعَلْتَ؟ فَقَالَ: هَذِهِ سُبَيْعَةُ حَيَّةٌ لَمْ تَمُتْ، تُخْبِرُكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا بِالتَّزْوِيجِ وَهِيَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَ: فَبَعَثَ مَوْلًى لَهُ إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا سَمِعْتُ بِهِ، فَرَجَعَ إِلَيْهِ مَوْلاهُ مِنْ عِنْدِ أُمِّ سَلَمَةَ أَنْ: نَعَمْ، قَدْ كَانَ ذَلِكَ فِي بَيْتِي حِينَ أَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ. 1834- حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ كُرَيْبٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: " تُوُفِّيَ زَوْجُ سُبَيْعَةَ ابْنَةِ الْحَارِثِ، فَوَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِأَيَّامٍ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَتَزَوَّجَ ". 1835- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ حَجَّاجٍ الصَّوَّافِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: اخْتَلَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي الْمَرْأَةِ إِذَا وَضَعَتْ، فَأَرْسَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ غُلامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ: كُرَيْبٌ، إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ " إِنَّ سُبَيْعَةَ ابْنَةَ الْحَارِثِ وَضَعَتْ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِعِشْرِينَ لَيْلَةً، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ ". 1836- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " عِدَّةُ الْحَامِلِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا آخِرُ الأَجَلَيْنِ إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: فَأَرْسَلَنَا إِلَى سُبَيْعَةَ فَأَخْبَرَتْنَا، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَمَرَهَا إِذَا وَضَعَتْ أَنْ تَنْكِحَ ". 1837- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: وَلَدَتْ سُبَيْعَةُ الأَسْلَمِيَّةُ بَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا بِنِصْفِ شَهْرٍ، فَخَطَبَهَا رَجُلانِ أَحَدُهُمَا كَهْلٌ وَالآخَرُ شَابٌّ، فَخَطَّبْ إِلَى الشَّابِّ، وَقَالَ الْكَهْلُ: لَمْ تَحْلِلْ، وَكَانَ أَهْلُهَا غُيَّبًا، وَرَجَا إِذَا جَاءَ أَهْلُهَا أَنْ يُؤْثِرُوهُ بِهَا، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " قَدْ حَلَلْتِ، انْكِحِي مَنْ شِئْتِ ". 1838- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ بِشْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنِ الطُّفَيْلِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ أُمَّ الطُّفَيْلِ، تَذْكُرُ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهَذِهِ الْحُجَّةُ قَدْ قَامَتْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا ذَهَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ، وَابْنُ عُمَرَ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُمَا وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَجْهٌ آخَرُ يَدْخُلُ فِي هَذَا الْبَابِ. 1839- كَمَا حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا نُعَيْمٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ، قَالَ: " جَلَسْتُ إِلَى مَجْلِسٍ فِيهِ عُظْمٌ مِنَ الأَنْصَارِ، وَفِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى، فَذُكِرَ حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ فِي شَأْنِ سُبَيْعَةَ، فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى: وَلَكِنَّ عَمَّهُ لا يَقُولُ ذَلِكَ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَجَرِيءٌ أَنْ أَكْذُبَ عَنْ رَجُلٍ فِي جَانِبِ الْكُوفَةِ، وَرَفَعْتُ صَوْتِي، قَالَ: ثُمَّ خَرَجْتُ فَلَقِيتُ مَالِكَ بْنَ عَامِرٍ، ومَالِكَ بْنَ عَوْفٍ، فَقُلْتُ: كَيْفَ كَانَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ؟ قَالَ: فَقَالَ عَبْدُ اللهِ: أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ، وَلا تَجْعَلُونَ عَلَيْهَا الرُّخْصَةَ؟ أَنَزَلَتْ سُورَةُ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى؟ ". 1840- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الأَسْوَدِ، وَمَسْرُوقٍ، وَعُبَيْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ مِنْ حِينِ تُطَلَّقُ، وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا مِنْ حَيْثُ يُتَوَفَّى، وَمَنْ شَاءَ قَاسَمْتُهُ، أَوْ كَمَا قَالَ، أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى أُنْزِلَتْ بَعْدَ الْبَقَرَةِ ". 1841- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ النُّعْمَانِ، وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالا: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: " مَنْ شَاءَ حَالَفْتُهُ أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى أُنْزِلَتْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ، يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} ". 1842- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدِ بْنِ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ شُبْرُمَةَ الْكُوفِيُّ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: " مَنْ شَاءَ لاعَنْتُهُ، مَا نَزَلَتْ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، إِلا بَعْدَ آيَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا، إِذَا وَضَعَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا فَقَدْ حَلَّتْ " يُرِيدُ بِآيَةِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ}، الآيَةَ وَكَانَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، قَدْ أَتَى عَلَى كُلِّ مُعْتَدَّةٍ حَامِلٍ، فَدَخَلَتْ فِي ذَلِكَ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ أَرَدْنَا أَنْ نَسْتَخْرِجَ الْحُكْمَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُبَيْعَةَ كَافِيًا مِنْ ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا الْمُطَلَّقَةَ الَّتِي لَيْسَ بِحَامِلٍ، وَهِيَ مِمَّنْ تَحِيضُ، تَعْتَدُّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ كَمَا قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوَءٍ}، الآيَةَ وَرَأَيْنَاهَا إِذَا كَانَتْ مِمَّنْ لا تَحِيضُ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ اعْتَدَّتْ ثَلاثَةَ أَشْهُرٍ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ}، وَرَأَيْنَا الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلا اعْتَدَّتْ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} وَرَأَيْنَاهَا إِذَا كَانَتْ حَامِلا فَمَضَتْ عَلَيْهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَلَمْ تَضَعْ، فَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّهَا لا تَحِلُّ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، فَدَلَّ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} قَدْ نَسَخَ مِنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}، الْحَوَامِلَ وَدَلَّ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا الْحَامِلَ، لا مَعْنًى لِمُرُورِ الأَيَّامِ عَلَيْهَا، وَأَنَّ الْمُرَاعَى بِهِ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا، أَوْ فَرَاغُ رَحِمُهَا بِوَضْعِ حَمْلِهَا كَهِيَ لَوْ كَانَتْ مُطَلَّقَةً فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ مِمَّنْ قَالَ: تَابَعَهُ عَلَى قَوْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانَ، وَزُفَرَ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَعَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ خَلا مَنْ ذَكَرْنَا مِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ خِلافُ ذَلِكَ، وَخِلافُ مَنْ تَابَعَهُمْ مِمَّنْ تَأَخَّرَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ.
قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ}، وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ، غَيْرَ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي أَيِّ الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ هُنَّ، فَقَالَ أَكْثَرُهُمْ: هُنَّ جَمِيعُ الْمُطَلَّقَاتِ، وَسَوَّوْا فِي ذَلِكَ بَيْنَ الطَّلاقِ الْبَائِنِ وَغَيْرِ الْبَائِنِ وَمِمن قَالَ ذَلِكَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيُّ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: هُنَّ الْمُعْتَدَّاتُ مِنَ الطَّلاقِ الَّذِي يُمْلَكُ فِيهِ الرَّجْعَةُ وَرُوِيَ هَذَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَلَى خِلافٍ قَدْ رُوِيَ عَنْهُ وَكَانَ مِنْ حُجَّةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ. 1843- كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُغِيرَةَ، وَحُصَيْنٍ، وَأَشْعَثَ، وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالٍد، وَدَاوُدَ، وَسَيَّاٍر، وَمُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ بِالْمَدِينَةِ، فَسَأَلْتُهَا عَنْ قَضَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: " طَلَّقَنِي زَوْجِيَ الْبَتَّةَ فَخَاصَمْتُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ، فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى، وَلا نَفَقَةً، وَأَمَرَنِي أَنْ أَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " وَقَالَ مُجَالِدٌ فِي حَدِيثِهِ: يَا بِنْتَ قَيْسٍ، إِنَّمَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ عَلَى مَنْ كَانَتْ لَهُ الرَّجْعَةُ. 1844- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَيْمُونٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنِ الأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، فَأَمَرَ لَهَا بِنَفَقَةٍ فَاسْتَقَلَّتْهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ نَحْوَ الْيَمَنِ، فَانْطَلَقَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي نَفَرٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ أَبَا عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ طَلَّقَ فُلانَةً ثَلاثًا، فَهَلْ لَهَا نَفَقَةٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَلا مَسْكَنٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ أَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَأْتِيهَا الْمُهَاجِرُونَ الأَوَّلُونَ، فَانْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّكِ إِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لَمْ يَرَكِ ". 1845- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي الأَوْزَاعِيُّ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1846- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى ابْنَةِ قَيْسٍ، فَحَدَّثَتْ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا طَلاقًا بَائِنًا، وَأَمَرَ أَبَا حَفْصٍ أَنْ يُرْسِلَ إِلَيْهَا بِنَفَقَتِهَا خَمْسَةَ أَوْسَاقٍ، " فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي، وَلَمْ يَجْعَلْ لِيَ السُّكْنَى، وَلا النَّفَقَةَ فَقَالَ: صَدَقَ، اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلٌ يُغْشَى فَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ فُلانٍ ". 1847- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. 1848- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ صُخَيْرٍ، قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو سَلَمَةَ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَكَانَ زَوْجُهَا طَلَّقَهَا ثَلاثًا، فَقَالَتْ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَجْعَلْ لِي سُكْنَى وَلا نَفَقَةً ". 1849- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ الرَّازِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ عَنْ طَلاقِ جَدِّهِ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ، فَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ عَبْدِ اللهِ: طَلَّقَهَا الثَّلاثَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ، فَوَكَّلَ بِهَا عَيَّاشُ بْنُ أَبِي رَبِيعَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَيَّاشٌ بِبَعْضِ النَّفَقَةِ، فَسَخِطَتْهَا، فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ: مَا لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى، وَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَسَلِيهِ فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا قَالَ، فَقَالَ لَهَا: " انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى، فَهُوَ أَقَلُّ وَأَطْيَبُ، وَأَنْتِ تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ "، فَانْتَقَلَتْ إِلَيْهِ حَتَّى حَلَّتْ. 1850- حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، مِثْلَ ذَلِكَ هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ عَنِ الْمُعَلَّى، عَنْ لَيْثٍ وَأَمَّا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ فَرَوَاهُ عَنِ اللَّيْثِ بِزِيَادَةٍ. 1851- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَبْدَ الْحَمِيدِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ، عَنْ طَلاقِ جَدِّهِ أَبِي عَمْرٍو فَاطِمَةَ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْحَمِيدِ: طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الْيَمَنِ، وَوَكَّلَ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا عَيَّاشٌ بِبَعْضِ النَّفَقَةِ، فَسَخِطَتْهَا، فَقَالَ لَهَا عَيَّاشٌ: مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ وَلا مَسْكَنٍ، فَهَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَلِيهِ فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَيْسَ لَكِ نَفَقَةٌ وَلا مَسْكَنٌ، وَلَكِنْ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ، فَاخْرُجِي عَنْهُمْ " فَقَالَتْ: أَخْرُجُ إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ؟ فَقَالَ لَهَا: " إِنَّ بَيْتَهَا يُوطَأُ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى فَهُوَ أَقَلُّ ". 1852- حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ بُكَيْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، نَفْسِهَا، مِثْلَ حَدِيثِ اللَّيْثِ، عَنِ أَبِي الزُّبَيْرِ حَرْفًا بِحَرْفٍ وَهَكَذَا رَوَى اللَّيْثُ حَدِيثَ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ وَأَمَّا مَالِكٌ فَرَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ كَما: 1853- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَنَّ مَالِكًا، أَخْبَرَهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ مَوْلَى الأَسْوَدِ بْنِ سُفْيَانَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلَهُ بِشَعِيرٍ فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: وَاللهِ، مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، وَاعْتَدِّي فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ " فَكَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا هُوَ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ "، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مَسْكَنٍ، غَيْرَ أَنَّ فِيهِ أَنَّ فَاطِمَةَ ذَكَرَتْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَ وَكِيلِ زَوْجِهَا: " مَالَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ "، فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهَا، بَلْ أَمَرَهَا بِالاعْتِدَادِ فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا فَفِي ذَلِكَ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَ أُرِيدَ مِنْهَا الانْتِقَالُ، فَأَطْلَقَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَأَمَرَهَا بِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَهَا حَقًّا إِذًا لَمَا أَخْرَجَهَا عَنْ حَقِّهَا، وَلا نَقَلَهَا عَنْ غَيْرِ وُجُوبِ النُّقْلَةِ عَلَيْهَا، فَقَدْ عَادَ بِذَلِكَ مَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ إِلَى مَعْنَى حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ حَدِيثُ اللَّيْثِ عَنْهُ أَكْثَرَ أَلْفَاظًا وَأَبْيَنَ شَرْحًا وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ هَذَا عِمْرَانُ بْنُ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، فَجَاءَ بِهِ كَنَحْوِ مَا جَاءَ بِهِ مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ. 1854- حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، عَنِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ فَأَخْبَرَتْنِي أَنَّ زَوْجَهَا الْمَخْزُومِيَّ طَلَّقَهَا، وَأَبَى أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نَفَقَةَ لَكِ، انْتَقِلِي إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ تَكُونِينَ عِنْدَهُ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ عِنْدَهُ " فَالْكَلامُ فِي هَذَا كَالْكَلامِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ مُحَمَّدُ بن عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كَنَحْوِ مَا رَوَاهُ عِمْرَانُ، وَكَنَحْوِ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ. 1855- حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَطَلَّقَهَا الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَى أَهْلِهِ تَبْتَغِي النَّفَقَةَ، فَقَالُوا: لَيْسَ لَكِ عَلَيْنَا نَفَقَةٌ فَبَلَغَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لَيْسَتْ لَكِ عَلَيْهِمْ نَفَقَةٌ، وَعَلَيْكِ الْعِدَّةُ، فَانْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ "، ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ أُمَّ شَرِيكٍ يَدْخُلُ عَلَيْهَا أَخْوَالُهَا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ، انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " فَالْكَلامُ فِي هَذَا كَالْكَلامِ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ وَقَدْ رَوَى حَدِيثَ أَبِي سَلَمَةَ ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، سَوَاءً. 1856- كَمَا حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ حَدَّثَتْهُ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ حَدِيثَ يُونُسَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ سَوَاءً وَقَدْ وَافَقَ يَحْيَى بْنَ أَبِي كَثِيرٍ فِي ذِكْرِ نَفْيِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَرَوَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ كَذَلِكَ. 1857- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا أَسَدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، أَنَّهَا اسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا نَفَقَةَ لَكِ عِنْدَهُ وَلا سُكْنَى "، وَكَانَ يَأْتِيهَا أَصْحَابُهُ، فَقَالَ: " اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ فَإِنَّهُ أَعْمَى " فَقَدْ صَارَ نَفْيُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى فِي حَدِيثِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ فَاطِمَةَ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ مِنْ لَفْظِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، أَوْلَى أَنْ يُضَافَ إِلَى أَبِي سَلَمَةَ، لِمُوَافَقَتِهِ عَلَى ذَلِكَ غَيْرَهُ مِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ فَاطِمَةَ، وَبِزِيَادَتِهِ مَنْ زَادَهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ، مِمَّنْ لَوِ انْفَرَدَ بِرِوَايَتِهِ لَكَانَ فِيهَا حُجَّةٌ وَقَدْ وَافَقَ أَبَا سَلَمَةَ عَلَى ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ هَذَا، مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، فَرَوَاهُ عَنْ فَاطِمَةَ بِالزِّيَادَةِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى أَبِي سَلَمَةَ فِي أَحَادِيثَ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثِ، وَابْنِ أَبِي الْجَهْمِ وَقَدْ رَوَى عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ حَدِيثَهَا هَذَا، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ. 1858- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَطَاءٌ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ، " أَنَّ فَاطِمَةَ، أَخْبَرَتْهُ، وَكَانَتْ عِنْدَ رَجُلٍ مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ، فَأَخْبَرَتْهُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا ثَلاثًا، وَخَرَجَ إِلَى بَعْضِ الْمَغَازِي، وَأَمَرَ وَكِيلا لَهُ أَنْ يُعْطِيَهَا بَعْضَ النَّفَقَةِ فَاسْتَقَلَّتْهَا، فَانْطَلَقَتْ إِلَى إِحْدَى نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ عِنْدَهَا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ هَذِهِ فَاطِمَةُ طَلَّقَهَا فُلانٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا بِبَعْضِ النَّفَقَةِ فَرَدَّتْهَا، وَزَعَمَ أَنَّهُ شَيْءٌ يَطُولُ قَالَ: صَدَقَ، وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ أَعْمَى فَانْتَقَلَتْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَاعْتَدَّتْ عِنْدَهُ حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا " فَالْكَلامُ فِي هَذَا كَالْكَلامِ فِيمَا فِيهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، الْحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، فَخَالَفَ ابْنَ جُرَيْجٍ فِي إِسْنَادِهِ وَفِي أَلْفَاظِهِ. 1859- كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةً " وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ فَاطِمَةَ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ بِالْمَعْنَى الَّذِي رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَابْنُ أَبِي الْجَهْمِ، عَنْ فَاطِمَةَ، وَبِالْمَعْنَى الَّذِي رَوَاهُ عَلَيْهِ أَبُو سَلَمَةَ فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، وَالْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ نَفْيِ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى عَنْ مُطَلِّقِهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. 1860- كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعيب بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهُوَ غُلامٌ شَابٌّ فِي إِمَارَةِ مَرْوَانَ، ابْنَةَ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ، وَأُمُّهَا حَرْمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ، الْبَتَّةَ، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهَا خَالَتُهَا فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ، فَأَمَرَتْهَا بِالانْتِفَالِ مِنْ بَيْتِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَسَمِعَ بِذَلِكَ مَرْوَانُ، فَأَرْسَلَ إِلَى ابْنَةِ سَعِيدٍ يَأْمُرُهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى مَسْكَنِهَا، وَيَسْأَلُهَا مَا حَمَلَهَا عَلَى الانْتِقَالِ قَبْلَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي مَسْكَنِهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا، فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُخْبِرُهُ أَنَّ خَالَتَهَا فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ أَفْتَتْهَا بِذَلِكَ، وَأَخْبَرَتْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ أَفْتَاهَا بِالانْتِقَالِ حِينَ طَلَّقَهَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَفْصٍ فَأَرْسَلَ مَرْوَانُ قَبِيصَةَ بْنَ ذُؤَيْبٍ إِلَى فَاطِمَةَ يَسْأَلُهَا عَنْ ذَلِكَ، فَذَكَرَتْ فَاطِمَةُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ أَبِي عَمْرِو بْنِ حَفْصٍ، فَلَمَّا أَمَّرَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَّلَمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَى الْيَمَنِ خَرَجَ مَعَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا تَطْلِيقَةً، وَهِيَ بَقيَّةُ طَلاقِهَا، فَأَمَرَ لَهَا الْحَارِثَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ بِنَفَقَتِهَا فَأَرْسَلَتْ إِلَى الْحَارِثِ وَعَيَّاشٍ تَسْأَلُهُمَا النَّفَقَةَ الَّتِي أَمَرَ لَهَا زَوْجُهَا، فَقَالا: لا وَاللهِ مَا لَهَا عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، وَمَا لَهَا أَنْ تَسْكُنَ فِي مَسْكَنِنَا إِلا بِإِذْنِنَا قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَصَدَّقَهُمَا فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: وَأَيْنَ أَنْتَقِلُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " انْتَقِلِي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "، وَهُوَ الأَعْمَى الَّذِي سَمَّاهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ قَالَتْ فَاطِمَةُ: فَانْتَقَلْتُ عِنْدَهُ، وَكَانَ رَجُلا قَدْ ذَهَبَ بَصَرُهُ، وَكُنْتُ أَضَعُ ثِيَابِي عِنْدَهُ حَتَّى أَنْكَحَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا ذُكِرَ، بِأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَأْنَكَرَ عَلَيْهَا مَرْوَانُ، وَقَالَ لَهَا: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} قَالَتْ فَاطِمَةُ: بَيْنِي وَبَيْنَكُمُ الْقُرْآنُ، إِنَّمَا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا فِيمَنْ لَمْ يُبَتَّ طَلاقُهَا، وَإِنَّمَا أَمْضَتِ السُّنَّةُ بِتَرْكِ النَّفَقَةِ لِمَنْ لَمْ يَبِتَّ طَلاقَهُ، وَكُنْتُمْ أَنْتُمْ تَرَوْنَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَبْتُوتَةِ نَفَقَةٌ إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، وَيُنْكَرُ عَلَيْهَا أَنْ تَخْرُجَ مِنْ بَيْتِهَا إِذَا أُبِتَّ طَلاقُهَا، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ}، إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}؟ قَالَ: مُرَاجَعَةُ الرَّجُلِ امْرَأَتَهُ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، وَإِنَّمَا هَذَا لِمَنْ لَمْ يَبِتَّ طَلاقَهُ، فَأَمَّا مَنْ بَتَّ طَلاقَهُ فَلَيْسَ عَلَيْهَا رَجْعَةٌ لِزَوْجِهَا فَقَالَ مَرْوَانُ: لَمْ أَسْمَعْ بِهَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَحَدٍ قَبْلَكَ، وَسَآخُذُ بِالْقَضِيَّةِ الَّتِي وَجَدْتُ النَّاسَ عَلَيْهَا. 1861- حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ كَامِلِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً. 1862- حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رَحَّالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَنْبَسَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ. فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَصْدِيقُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَارِثَ وَعَيَّاشًا فِي قَوْلِهِمَا لِفَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ: " مَا لَهَا عَلَيْنَا مِنْ نَفَقَةٍ إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، وَمَا لَهَا أَنْ تَسْكُنَ فِي مَسْكَنِنَا إِلا بِإِذْنِنَا " فَقَدْ وَافَقَ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ عَنْ فَاطِمَةَ مَنْ رَوَاهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: " لا نَفَقَةَ لَكِ وَلا سُكْنَى " وَفِيهِ احْتِجَاجُ فَاطِمَةَ عَلَى مَنْ أَلْزَمَهَا خِلافَ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا بِمَا احْتَجَّتْ بِهِ عَلَيْهِ فِيهِ مِمَّا قَدْ ذَكْرَنَاهُ عَنْهَا فِيهِ، وَإِخْبَارُهَا إِيَّاهُمْ أَنَّ الَّذِي فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ السُّكْنَى الْمَأْمُورِ بِهِ إِنَّما أُرِيدَ بِهِ الْمُطَلَّقَاتُ اللائِي عَلَيْهِنَّ الْمُرَاجَعَاتُ لِمَنْ قَدْ طَلَّقَهُنَّ، لا لِمَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ اللائِي لا رَجْعَةَ عَلَيْهِنَّ لِمَنْ طَلَّقَهُنَّ وَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ لِلَّذِينَ قَالُوا: إِنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ جَمِيعًا، مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ مِمَّا: 1863- حَدَّثَنَا بِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَنَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالا: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلاقًا بَاتًّا، فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " لا نَفَقَةَ لَكِ وَلا سُكْنَى " قَالَ: فَأَخْبَرْتُ بِذَلِكَ النَّخَعِيَّ، فَقَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَأُخْبِرَ بِذَلِكَ: لَسْنَا بِتَارِكِي آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَعَلَّهَا أَوْهَمَتْ، سَمِعَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهَا: السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ. 1864- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَذَا الْخَبَرُ عَنْ عُمَرَ مُنْقَطِعٌ قِيلَ لَهُ: وَمَا يَدْفَعُ انْقِطَاعَهُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً إِنْ كَانَ مِنْ شَأْنِ إِبْرَاهِيمَ أَلا يَقْطَعَ إِلا مَا حَدَّثَهُ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَلَزِمَتْ بِهِ الْحُجَّةُ عِنْدَهُ كَمَا رُوِيَ لَنَا عَنْهُ مِمَّا: 1865- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الأَعْمَشِ، قَالَ: قُلْتُ لإِبْرَاهِيمَ: إِذَا حَدَّثْتَنِي فَأَسْنِدْ فَقَالَ: إِذَا قُلْتُ: قَالَ عَبْدُ اللهِ، فَلَمْ أَقُلْ ذلَكَ حَتَّى حَدَّثَنِيهُ غَيْرُ وَاحِدٍ، وَإِذَا قُلْتُ: حَدَّثَنِي فُلانٌ، عَنْ فُلانٍ، فَهُوَ الَّذِي حَدَّثَنِي فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ إِبْرَاهِيمَ كَانَ فِيمَا ذَكَرَهُ عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ لَمْ يَلْقَهُ، كَمَا كَانَ مَذْهَبُهُ فِيمَا رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ كَذَلِكَ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ مَا: 1866- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاثًا، سُكْنَى وَلا نَفَقَةً " فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لإِبْرَاهِيمَ، فَقَالَ: قَدْ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ: لا نَدَعُ كِتَابَ رَبِّنَا وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ فَهَذَا مِثْلُ مَا رَوَى حَمَّادٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ غَيْرَ ذِكْرِ عُمَرَ أَنَّ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ، مِمَّا سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلا أَنَّ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى حَدِيثِ حَمَّادٍ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَة هَذَا: " وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا " وَلا يَكُونُ ذَلِكَ إِلا وَمَا حَكَتْهُ فَاطِمَةُ عِنْدَهُ مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُوِيَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ فِي ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَعَبْدِ اللهِ مِنْ قَوْلِهِمَا ما: 1867- حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُمَرَ، وَعَبْدِ اللهِ، أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولانِ: " الْمُطَلَّقَةُ لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ " وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَذْكُرُ عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّهَا لَيْسَ لَهَا نَفَقَةٌ وَلا سُكْنَى ". 1868- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْخُصَيْبُ بْنُ نَاصِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنِ الأَسْوَدِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ مَسْعُودٍ، " قَالا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ " فَهَذَا عُمَرُ وَعَبْدُ اللهِ قَدْ جَعَلا لِلْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةَ بَعْدَ عِلْمِ عُمَرَ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَوُقُوفِهِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَوْلُ بِهِ، وَمُخَالَفَتِهِ إِيَّاهُ إِلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ، وَإِعْلامِهِ أَنَّ فِيمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ اخْتِلافًا لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي هَذِهِ الآثَارِ الأُوَلِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مُتَّصِلِ الإِسْنَادِ. 1869- كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ زُرَيْقٍ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ الأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ فِي الْمَسْجِدِ الأَعْظَمِ، وَمَعَنَا الشَّعْبِيُّ، فَذَكَرُوا الْمُطَلَّقَةَ ثَلاثًا، فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: حَدَّثَتْنِي فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ لَهَا: " لا سُكْنَى لَكِ وَلا نَفَقَةَ " قَالَ: فَرَمَى الأَسْوَدُ بِحَصَاةٍ، ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكَ تُحَدِّثُ بِمِثْلِ هَذَا الْحَدِيثِ، قَدْ رُفِعَ ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: لَسْنَا بِتَارِكِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسُنَّةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِقَوْلِ امْرَأَةٍ لا نَدْرِي مَا لَعَلَّهَا تُحَدِّثُ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ}، الآيَةَ وَقَدْ أَنْكَرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ هَذَا غَيْرُ عُمَرَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَنْكَرَهُ عُمَرُ، مِنْهُمْ: أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَكَانَ إِذَا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا رَمَاهَا بِمَا كَانَ فِي يَدِهِ. 1870- كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: كَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ، تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ لَهَا: " اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ " وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ أُسَامَةَ يَقُولُ: كَانَ أُسَامَةُ إِذَا ذَكَرَتْ فَاطِمَةُ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا رَمَاهَا بِمَا كَانَ فِي يَدِهِ فَهَذَا أُسَامَةُ قَدْ كَانَ يَبْلُغُ بِهِ إِنْكَارُهُ عَلَى فَاطِمَةَ رِوَايَتَهَا هَذَا الْحَدِيثَ إِلَى أَنْ يَرْمِيَهَا بِمَا يَكُونُ فِي يَدِهِ، وَفِي هَذَا إِنْكَارُهُ عَلَيْهَا وَمُعَاقَبَتُهُ لَهَا بِرَمْيِهِ إِيَّاهَا بمَا كَانَ يَرْمِيهَا مِمَّا يَكُونُ فِي يَدِهِ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ بِهَا إِلا عَنْ وُقُوفٍ مِنْهُ أَنَّ مَا رَوَتْ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ لِمَا عَلَيْهِ حُكْمُ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ فِي خَبْرِ فَاطِمَةَ. 1871- مَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّيْرَفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الأَوَّلِ الأَحْوَلُ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: ذُكِرَ لِعَائِشَةَ أَمْرُ فَاطِمَةَ، فَقَالَ: " إِنَّمَا أَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لِسُوءِ خُلُقِهَا ". 1872- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ اللَّيْثِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ، وَسُلَيْمَانَ بْنَ يَسَارٍ، يَذْكُرَانِ، أَنَّ يَحْيَى بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ طَلَّقَ ابْنَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَكَمِ، فَأَنْقَلَهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، فَأَرْسَلَتْ عَائِشَةُ إِلَى مَرْوَانَ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ " أَنِ اتَّقِ اللهَ، وَارْدُدِ الْمَرْأَةَ إِلَى بَيْتِهَا " فَقَالَ مَرْوَانُ فِي حَدِيثِ سُلَيْمَانَ: إِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ غَلَبَنِي، وَقَالَ فِي حَدِيثِ الْقَاسِمِ: أَمَا بَلَغَكِ شَأْنُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: " لا يَضُرُّكَ أَلا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ " فَقَالَ مَرْوَانُ: إِنْ كَانَ بِكِ الشَّرُّ فَحَسْبُكِ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ مِنَ الشَّرِّ. 1873- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " مَا لِفَاطِمَةَ خَيْرٌ فِي أَنْ تَذْكُرَ هَذَا الْحَدِيثَ، يَعْنِي قَوْلَهَا: لا نَفَقَةَ وَلا سُكْنَى " فَهَذِهِ عَائِشَةُ قَدْ أَخْبَرَتْ أَنَّ السَّبَبَ الَّذِي بِهِ انْتَخَبَ فَاطِمَةَ الانْتِقَالَ فِي عِدَّتِهَا هُوَ سُوءُ خُلُقِهَا، وَفِي قَوْلِ عَائِشَةَ لِمَرْوَانَ: " لا يَضُرُّكَ أَلا تَذْكُرَ حَدِيثَ فَاطِمَةَ "، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ حَدِيثَ فَاطِمَةَ عِنْدَهَا لَيْسَ بِسُنَّةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ فِي سَائِرِ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ سِوَاهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا كَانَ لِفَاطِمَةَ لأَمْرٍ خَاصٍّ فِيهَا وَهُوَ سُوءُ خُلُقِهَا، وَعَلَى أَنَّ سِوَى مَنْ طُلِّقَ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ كَانَ عِنْدَ الْمُبَيَّنَةِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِي الآيَةِ الْمَمْنُوعِ فِيهَا مِنْ إِخْرَاجِ الْمُطَلَّقَاتِ مِنْ بُيُوتِهِنَّ بِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ من بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَذْهَبُ فِي أَنَّهَا الْبَذَاءُ مِنَ الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ عَلَى الزَّوْجِ الْمُطَلِّقِ لَهَا. 1874- حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلالٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، قَالَ: " الْفَاحِشَةُ الْمُبَيِّنَةُ أَنْ تَفْحُشَ عَلَى أَهْلِ الرَّجُلِ وَتُؤْذِيَهُمْ " وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ فِي شَأْنِهَا هَذَا الْمَعْنَى. 1875- كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الرَّقِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ الضَّرِيرُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ لِسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَيْنَ تَعْتَدُّ الْمُطَلَّقَةُ ثَلاثًا؟ فَقَالَ: فِي بَيْتِهَا فَقُلْتُ: أَلْيَسَ قَدْ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ ابْنَةَ قَيْسٍ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ؟ فَقَالَ: " تِلْكَ امْرَأَةٌ أَفْتَنَتِ النَّاسَ، وَاسْتَطَالَتْ عَلَى أَحْمَائِهَا، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَكَانَ رَجُلا مَكْفُوفَ الْبَصَرِ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوْ عَنِ الزُّهْرِيِّ فِي ذَلِكَ مَا: 1876- حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَقِيلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّ فَاطِمَةَ، أَخْبَرَتْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: " اعْتَدِّي فِي بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ "، فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهَا مَا كَانَتْ تُحَدِّثُ بِهِ مِنْ خُرُوجِهَا قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ فَهَذَا أَبُو سَلَمَةَ أَوِ الزُّهْرِيُّ يُخْبِرُ أَنَّ النَّاسَ قَدْ أَنْكَرُوا عَلَى فَاطِمَةَ مَا أَخْبَرَتْ بِهِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ لا يَكُونُ إِلا إِخْبَارًا عَنِ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ حُجَّةٌ، وَيَجِبُ بِإِنْكَارِهِمْ عَلَيْهَا مَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ تَرْكُهُ وَالأَخْذُ بِغَيْرِهِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا رُوِّينَاهُ عَنْهَا فِي هَذَا أَنَّ أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاطِمَةَ كَانَ بِالْخُرُوجِ لِمَعْنًى لا يَكُونُ لِغَيْرِهَا مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ مِمَّنْ لَيْسَ فِيهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى. 1877- حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: " دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ، فَقُلْتُ: إِنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِكَ طُلِّقَتْ، فَمَرَّتْ عَلَيْنَا آنِفًا وَهِيَ تَنْتَقِلُ، فَعِبْتُ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: أَمَرَتْنَا فَاطِمَةُ ابْنَةُ قَيْسٍ وَأَخْبَرَتْنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا إِلَى ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَقَالَ مَرْوَانُ: أَجَلْ هِيَ أَمَرَتْهُمْ بِذَلِكَ قَالَ عُرْوَةُ: فَقُلْتُ: أَمْ وَاللهِ لَقَدْ عَابَتْ ذَلِكَ عَائِشَةُ أَشَدَّ الْعَيْبِ، وَقَالَتْ: إِنَّ فَاطِمَةَ كَانَتْ فِي مَكَانٍ وَحْشٍ، فَخِيفَ عَلَى نَاحِيَتِهَا، فَلِذَلِكَ أَرْخَصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " وَقَدْ رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ نَفْسِهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَانَ أَمَرَهَا بِالنُّقْلَةِ لِمَعْنًى خَافَهُ عَلَيْهَا مِنْ زَوْجِهَا. 1878- كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو شُعَيْبٍ صَالِحُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانٍ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى الزَّمنُ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ فَاطِمَةَ ابْنَةِ قَيْسٍ، قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي، وَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ، فَقَالَ: " انْتَقِلِي عَنْهُ ". 1879- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، " أَنَّ فَاطِمَةَ، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إنَّ زَوْجِي طَلَّقَنِي ثَلاثًا، أَخَافُ أَنْ يَقْتَحِمَ عَلَيَّ، فَأَمَرَهَا بِالتَّحْوِيلِ " فَهَذَا حَدِيثُ فَاطِمَةَ الَّذِي رَوَتْهُ عنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَضَائِهِ عَلَيْهَا " أَنْ لا نَفَقَةَ لَهَا وَلا سُكْنَى " فِي عِدَّتِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا الطَّلاقَ الْبَاتَّ الَّذِي ذَكَرْنَا، لا نَعْلَمُهُ رُوِيَ عَنْهَا مِنْ وَجْهٍ إِلا وَقَدْ دَخَلَ فِي الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي هَذَا الْبَابِ وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَنْكَرُهُ عَلَيْهَا مِمَّنْ ذَكَرْنَا، فَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى أَنَّهُ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعِلَّةٍ كَانَتْ فِيهَا خَاصَّةٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ إِلَى خَوْفِهِ عَلَيْهَا الْوَهْمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ لِخَوْفِهِ عَلْيَهَا الْكَذِبَ، وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرَهَا، وَلا الْمُنْكِرِينَ لِحَدِيثِهَا هَذَا، قَبِلَهُ، وَلا عَمِلَ بِهِ، وَلا حَمَلَ النَّاسَ عَلَيْهِ، وَلا أَفْتَاهُمْ بِهِ غَيْرَ شَيْءٍ ذُكِرَ فِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. 1880- كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْحَجَّاجُ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلاثًا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا: لا نَفَقَةَ لَهُمَا، وَتَعْتَدَّانِ حَيْثُ شَاءَتَا " وَقَدْ رُوِّينَا فِيمَا تَقَدَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ عنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنِ الْحَجَّاجِ بْنِ أَرْطَاةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَجْعَلْ لَهَا سُكْنَى وَلا نَفَقَةً حِينَ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ثَلاثًا " فَصَارَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ إِنَّمَا يَدُورُ علَى الْحَجَّاجِ، وَمَذْهَبُ أَهْلِ الإِسْنَادِ فِيمَا أَرْسَلَ الْحَجَّاجُ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ سَمَاعًا مَا لا خَفَاءَ بِهِ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ بِهَذَا الْمَعْنَى فَإِنِ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ لِمَا رَوَتْ فَاطِمَةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّتِهَا الَّتِي رُوِّينَاهَا عَنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ، وَأَنَّهُ لَيَسْ فِيمَا رَوَتْ مِنْ ذَلِكَ خِلافٌ لِكِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِحُجَّةِ فَاطِمَةَ الَّتِي احْتَجَّتْ بِهَا فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قِيلَ لَهُ: أَمَّا مَا ذَكَرَتْ مِنْ قَوْلِهِ: إِنَّ الْقُرْآنَ إِنَّما نَزَلَ فِيمَنْ لَمْ يُبَتُّ طَلاقُهَا، لا فِيمَنْ بَتَّ طَلاقَهُ، لأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللهَ رَبَّكُمْ إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، وَذَلِكَ لا يَكُونُ فِي الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ فِيمَنْ سِوَاهُنَّ مِنَ الْمُطَلَّقَاتِ اللاتي عَلَيْهِنَّ الرَّجْعَةُ لِمَنْ طَلَّقَهُنَّ، فَإِنَّ الْحُجَّةَ فِي ذَلِكَ أَنَّ الآيَةَ عَلَى النِّسَاءِ جَمِيعًا الْمَدْخُولِ بِهِنَّ ذَوَاتِ الْعِدَدِ، قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ إِلَى قَوْلِهِ: لَعَلَّ اللهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا}، فَأَمَرَ عَزَّ وَجَّلَ بِطَلاقِهِنَّ لِلْعِدَّةِ، وَعَطَفَ مَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِنَّ عَلَى الْعِدَّةِ، وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ إِذَا طَلَّقَهَا زَوْجُهَا طَلْقَتَيْنِ لِلْعِدَّةِ، إِحْدَاهُمَا بَعْدَ الأُخْرَى، كَانَ لَهَا عَلَيْهِ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، لا اخْتِلافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ جَميعًا، وَكَانَتِ الرَّجْعَةُ عَلَيْهَا لِمُطَلِّقِهَا، ثُمَّ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا الثَّالِثَةَ الَّتِي لا رَجْعَةَ لَهُ عَلَيْهَا بَعْدَهَا، كَانَ طَلاقُهُ إِيَّاهَا لِلْعِدَّةِ فِي طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فِيهِ، عَلَى مِثْلِ مَا كَانَ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فِي طَلاقِهِ إِيَّاهَا كُلَّ وَاحِدَةٍ من التَّطْلِيقَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ، فَإِذَا لَمْ تَخْرُجِ الطَّلْقَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ أَنْ تُوقَعَ لِلْعِدَّةِ فِي طُهْرٍ لا مَمَاسَّةَ فِيهِ، وَكَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ لِلتَّطْلِيقَةِ الثَّالِثَةِ مِثْلَ مَا تَعْتَدُّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ التَّطْلِيقَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ مِنَ الشُّهُورِ أَوِ الْحَيْضِ عَلَى مَا بَيَّنَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَفِيمَا سِوَاهَا مِنَ الْقُرْآنِ، لَمْ تَخْرُجْ هَذِهِ التَّطْلِيقَةُ أَيْضًا مِمَّا كَانَ لَهَا مِنَ السُّكْنَى وَالنَّفَقَةِ كَمَا لَمْ تَخْرُجْ مِمَّا كَانَ عَلَيْهَا، وَلَهَا سَائِرُ أَحْكَامِ الْمُطَلَّقَاتِ الطَّلاقَ الْمَمْلُوكَ فِيهِ الرَّجْعَةُ عَلَيْهِنَّ، وَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُطَلَّقَاتِ جَمِيعًا ذَوَاتِ الْعِدَدِ مُرَادَاتٌ بِجَمِيعِ مَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ غَيْرَ أَنَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الْمُرَاجَعَةَ لِمَنْ عَلَيْهِ الْمُرَاجَعَةُ مِنْهُنَّ، لا لِمَنْ سِوَاهُنَّ مِمَّنْ لا رَجْعَةَ عَلَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْمُطَلَّقَاتِ وَلَمَّا انْتَفَى أَنْ يَكُونَ حَدِيثُ فَاطِمَةَ حُجَّةً لِمَا ذَكَرْنَا يَجِبُ الأَخْذُ بِهَا وَحَمْلُ سَائِرَ الْمُطَلَّقَاتِ الْمُعْتَدَّاتِ عَلَيْهَا، رَجَعْنَا إِلَى أَقْوَالِ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَاهُمْ عَلَى ثَلاثَةِ أَقْوَالٍ: فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لا نَفَقَةَ لَهَا وَلا سُكْنَى، وَتَحْتَجُّ لِمَا تَقُولُ بِحَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ، وَقَدْ ثَبَتَ انْتِفَاءُ مَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ مِنْ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً لِهَذَا الْمَعْنَى وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَكَثِيرٌ مِنْ أْهَلِ الْعِلْمِ سِوَاهُمْ، وَيَحْتَجُّونَ فِي ذَلِكَ بِمَا رُوِّينَا عَنْ عُمَرَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ مِنْ آرَائِهِمَا، وَمَا رَوَاهُ عُمَرُ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهَا السُّكْنَى وَلا نَفَقَةَ لَهَا إِلا أَنْ تَكُونَ حَامِلا، فَتَكُونُ لَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا، وَيَحْتَجُّونَ فِي إِيجَابِهِمُ السُّكْنَى بِمَا يَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}، وَهَذَا عَلَى الْعُمُومِ، وَيَحْتَجُّونَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهَا بِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ: مَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، فَذَهَبُوا هَذَا الْمَذْهَبَ حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ مَالِكٍ، بِقَوْلِهِ الَّذِي ذَكَرْنَا عَنْهُ فِي هَذَا وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ فِيمَا ذَكَرَهُ لَنَا الرَّبِيعُ عَنْهُ هَذَا وَإِنَّ أَصْلَ حَدِيثِ فَاطِمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا يَرْجِعُ إِلَى الْمَعْنَى الَّذِي كَانَ يَذْهَبُ إِلَيْهِ فِي الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ غَيْرِ الْحَوَامِلِ، أَنَّهُ لا نَفَقَةَ لَهُنَّ فِي عِدَدِهِنَّ عَلَى مَنْ طَلَّقَهُنَّ، وَأَنَّ لَهُنَّ السُّكْنَى عَلَيْهِمْ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَدِهِنَّ، وَقَالَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ فِي حَدِيثِهَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، يَعْنِي حَدِيثَ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ: " لا نَفَقَةَ لَكِ " أَيْ لأَنَّكِ غَيْرُ حَامِلٍ، وَانْتَقِلِي إِلَى بَيْتِ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لِبَذَائِكِ الَّذِي صِرْتِ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْفَاحِشَةِ الَّتِي أَبَاحَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهَا إِخْرَاجَ الْمُطَلَّقَاتِ اللاتِي يَكُونُ فِيهِنَّ قَالَ: وَإِنَّمَا جَاءَ تَخْلِيطُ هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ فَاطِمَةَ بِمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ لأَنَّهُ رَوَى عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: " لا نَفَقَةَ لَكِ وَلا سُكْنَى " وَأَمَّا مَا رَوَى عَنْهَا الْحِجَازِيُّونَ أَصْحَابُنَا فَمُوَافِقٌ لِقَوْلِنَا، وَغَيْرُ خَارِجٍ عَنْ مَذْهَبِنَا الَّذِي ذَكَرْنَا، يَعْنِي أَنَّ لَهَا السُّكْنَى، وَلا نَفَقَةَ قَالَ أَحْمَدُ: وَلَمْ يَكُنْ لِلْقَوْلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ كَمَا ذُكِرَ، وَلا كَانَ أَصْلُ حَدِيثِ فَاطِمَةَ إِلا كَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْهَا لإِتْقَانِهِ، وَلِضَبْطِهِ، وَلِفَضْلِ حِفْظِهِ، وَلِتَقَدُّمِهِ فِي الْعِلْمِ، وَلِعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ فِيهِ، وَلأَنَّهُ قَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ، مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، وَقَبِيصَةُ، وَابْنُ أَبِي الْجَهْمِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو سَلَمَةَ فَقَدْ وَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ لأَنَّ مَالِكًا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَرْوِ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ إِلا كَمَا سَقَطَ إِلَيْهِ وَكَمَا ذَكْرَنَاهُ عَنْهُ رَوَاهُ عَنْ عْبَدِ اللهِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ عَنْ فَاطِمَةَ سَوَاءً وَوَافَقَهُ عَلى ذَلِكَ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ مَعَ جَلالَتِهِ وَعِلْمِهِ، وَفَضْلِ حِفْظِهِ، وَإِتْقَانِهِ، وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ حَتَّى لَقَدْ قَالَ أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ فِيهِ مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُنَقِّرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَيُّوبَ، يَقُولُ: مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِثْلُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، فَقَدَّمَهُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا وَوَافَقُ يَحْيَى عَلَى ذَلِكَ الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ خَالُ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ صَحِيحُ الرِّوَايَةِ، فَرَوَى عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْبَابِ مِثْلَ الَّذِي رَوَاهُ الشَّعْبِيُّ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ فَأَمَّا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ مِنْ إِبْطَالِ النَّفَقَةِ عَلَى فَاطِمَةَ لأَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ ذَاتِ حَمْلٍ، فَإِنَّمَا ذَلِكَ تَأْوِيلٌ تَأَوَّلَهُ فِي حَدِيثِهَا، وَلَمْ يَجِدْهُ مَنْصُوصًا وَقَدْ تَأَوَّلَهُ غَيْرُهُ عَلَى غَيْرِ مَا تَأَوَّلَهُ عَلَيْهِ، فَتَأَوَّلَهُ عَلَى أَنَّهَا إِنَّمَا مُنِعَتِ النَّفَقَةَ بِالْبَذَاءِ الَّذِي كَانَ فِيهَا الْوَاجِبِ بِهِ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَنْزِلِهَا، فَصَارَ ذَلِكَ الْخُرُوجُ الَّذِي لَزِمَهَا بِالْفِعْلِ الَّذِي كَانَ مِنْهَا نُشُوزًا، فَحُرِمَتِ النَّفَقَةَ بِذَلِكَ النُّشُوزِ كَمَا يَقُولُ فِي الْمُطَلَّقَةِ الْمُسْتَحِقَّةِ لِلنَّفَقَةِ إِذَا نَشَزَتْ بِالْخُرُوجِ مِنْ مَنْزِلِ زَوْجِهَا، لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةٌ مَا كَانَتْ كَذَلِكَ، فَلَمْ يَكُنْ أَحَدُ التَّأْوِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي حَدِيثِ فَاطِمَةَ أَوْلَى مِنَ الآخَرِ بِهِ ثُمَّ عُدْنَا إِلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْحَوَامِلِ اللائِي لا رَجْعَةَ عَلَيْهِنَّ لِمَنْ طَلَّقَهُنَّ، فَقَالَ قَائِلُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: قَصْدُهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ} بِالإِنْفَاقِ عَلَيْهِنَّ إِذْ كُنَّ كَذَلِكَ، دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُنَّ إِذَا لَمْ تَكُنَّ كَذَلِكَ فَلا نَفَقَةَ لَهُنَّ قِيلَ لَهُمْ: قَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ غَيْرَ مَا ذَهَبْتُمْ إِلَيْهِ مِنْهُ وَتَأَوَّلْتُمُوهُ عَلَيْهِ، لأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ: {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} الإِخْبَارَ بِأَنَّ النَّفَقَةَ تَنْقَطِعُ عَنْهُنَّ عِنْدَ وَضْعِهِنَّ حَمْلَهُنَّ بِوَضْعِ الْحَمْلِ، فَيَكُونُ إِنَّمَا قَصَدَ عَزَّ وَجَلَّ بِذَلِكَ إِلَى الإِخْبَارِ عَنِ النِّهَايَةِ الَّتِي تَتَنَاهَى إِلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْحَوَامِلِ الْمُطَلَّقَاتِ، كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فَأَخْبَرَ عَزَّ وَجَلَّ بِالنِّهَايَةِ الَّتِي بِهَا يَكُونُ انْقِضَاءُ الْعِدَّةِ مِنَ الْحَوَامِلِ، وَكَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}، أَيْ فَإِذَا بَلَغَ أَجَلَهُ جَازَ عَزْمُ عُقْدَةِ النِّكَاحِ وَلَنْ تَخْلُوَ الْحَامِلُ الْمُطَلَّقَةِ الْمَبْتُوتَةِ مِنْ أَنْ يَكُونَ الإِنْفَاقُ عَلَيْهَا لِلْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا مِنَ الطَّلاقِ، أَوْ أَنَّ الإِنْفَاقَ عَلْيَهَا مَقْصُودٌ بِهِ إِلَى الْوَلَدِ الَّذِي فِي بَطْنِهَا مِنْ مُطَلِّقِهَا، لأَنَّهُ لا يُوصَلُ إِلَى مَا يُغَذَّى بِهِ إِلا بِمَا تُغَذِّيهِ أُمُّهُ الْحَامِلُ بِهِ، فَإِنْ كَانَ لِلْعِدَّةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا فَكُلُّ مُطَلَّقَةٍ فِي عِدَّةٍ فَلَهَا مِثْلُ مَا لِهَذِهِ الْمُعْتَدَّةِ حَامِلا كَانَتْ أَوْ غَيْرَ حَامِلٍ وَإِنْ كَانَتِ النَّفَقَةُ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا يُدْفَعُ إِلَى أُمِّهِ غِذَاءُ الصَّبِيِّ، إِذْ كَانَ لا يُوَصَّلُ إِلَى تَغْذِيَتِهِ إِلا بِذَلِكَ، فَقَدْ رَأَيْنَاهُمْ لا يَخْتَلِفُونَ فِي الْوَلَدِ الصَّغِيرِ الْمَوْلُودِ إِذَا كَانَ مُوسِرًا أَنَّهُ لا نَفَقَةَ لَهُ عَلَى أَبِيهِ، وَأَنَّ أَبَاهُ لَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْقَاضِي لَهُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ لا مَالَ لَهُ، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ مَالٌ يَوْمَئِذٍ يُغْنِيهِ عَنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لَهُ عَلَى أَبِيهِ، رَجَعَ أَبُوهُ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، وَأَخَذَهُ مِنْ مَالِهِ وَرَأَيْنَاهُمْ لا يَخْتَلِفُونَ فِي وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَى هَذِهِ الْحَوَامِلِ، وَأَنَّهُ إِنْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ بِحَمْلِهَا مَالٌ فِي الْوَقْتِ الَّذِي أَوْجَبَ الْقَاضِي النَّفَقَةَ فِيهِ عَلَى أَبِيهِ بِمَوْتِ أَخٍ لأُمِّهِ تَرَكَ مَالا، فَوَرِثَ مِنْهُ مَا صَارَ بِهِ غَنِيًّا، أَنَّ أَبَاهُ لا يَرْجِعُ فِي مَالِهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالنَّفَقَةِ إِلَيْهِ فِيمَا ذَكَرْنَا، هِيَ الأُمُّ الْمُطَلَّقَةُ الْمُعْتَدَّةُ، لا حَمْلُهَا، لأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْحَمْلُ الْمَقْصُودَ إِلَيْهِ بِالنَّفَقَةِ لَكَانَ لِلْمُنْفِقِ أَنْ يَرْجِعَ فِي مَالِ الْحَمْلِ الَّذِي ذَكَرْنَا بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ، إِذْ كَانَ إِنَّمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ لا مَالَ لَهُ، ثُمَّ قَدْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالا فَإِذَا انْتَفَى أَنْ تَكُونَ النَّفَقَةُ مَرْجُوعًا بِهَا عَلَى الْحَمْلِ فِيمَا ذَكَرْنَا، انْتَفَى أَنْ تَكُونَ تِلْكَ النَّفَقَةُ كَانَتْ عَلَى الْحَمْلِ، وَثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ عَلَى أُمِّهِ الْمُطَلَّقَةِ الْمُعْتَدَّةِ، وَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ كُلُّ مُطَلَّقَةٍ مُعْتَدَّةٍ ذَاتِ حَمْلٍ، أَوْ غَيْرِ ذَاتِ حَمْلٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ وُجُوبُ النَّفَقَةِ وَالسُّكْنَى لِلْمُعْتَدَّاتِ الْمُطَلَّقَاتِ، حَوَامِلَ كُنَّ أَوْ غَيْرَ حَوَامِلَ، بَوَائِنَ أَوْ غَيْرَ بَوَائِنَ كَمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسُفْيَانُ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُمْ فِي ذَلِكَ: 1881- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، قَالَ: " الْمُطَلَّقَةُ ثَلاثًا لَهَا السُّكْنَى وَالنَّفَقَةُ " وَقَدْ بَيَّنَا فِي هَذَا الْبَابِ اخْتِلافَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ غَيْرِ الْحَوَامِلِ، وَاتِّفَاقَهُمْ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَى الْمُطَلَّقَاتِ الْمَبْتُوتَاتِ الْحَوَامِلِ وَاحْتَجْنَا إِلَى أَنْ نَذْكُرَ بِعَقِبِ ذَلِكَ أَحْكَامَ الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ مِنَ الْحَوَامِلِ، هَلْ لَهُنَّ نَفَقَةٌ فِي أَمْوَالِ أَزْوَاجِهِنَّ الْمُتَوَفَّيْنَ عَنْهُنَّ أَمْ لا؟ فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ، فَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ تَابِعِيهِمْ ومن بعد تابعيهم مِمَّنْ يُضَافُ إِلَيْهِ الْفُتْيَا، مُخْتَلِفِينَ فِي ذَلِكَ فَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَهُنَّ النَّفَقَةُ فِي أَمْوَالِ أَزْوَاجِهِنَّ الْمُتَوَفَّيْنَ عَنْهُنَّ إِلَى أَنْ يَضَعْنَ أَحْمَالَهُنَّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَابْنُ عُمَرَ. 1882- كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى، وَأْشَعَثُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا ". 1883- حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، " فِي الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا وَهِيَ حَامِلٌ: لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ " وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ مِنْ تَابِعِيهِمْ شُرَيْحٌ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ، وَخِلاسُ بْنُ عَمْرٍو، وَالشَّعْبِيُّ، والنَّخَعِيُّ. 1884- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَشُرَيْحٍ، وَخِلاسٍ، أنهم قَالُوا فِي هَذَا: " نَفَقَتُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ ". 1885- حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ أَشْعَثَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ شُرَيْحٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: " لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ حَتَّى تَضَعَ مَا فِي بَطْنِهَا ". 1886- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عن حَمَّادٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: نَفَقَتُهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ " وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لا نَفَقَةَ لَهُنَّ فِي أَمْوَالِ أَزْوَاجِهِنَّ الْمُتَوَفَّيْنَ عَنْهُنَّ وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ مِنْهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ، وَجَابِرٌ. 1887- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُقَدَّمِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ شِنْطِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، " فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ عَنِ امْرَأَتِهِ حَامِلا، قَالَ: نَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا ". 1888- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ أَبِي ذَكْوَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ هَكَذَا قَالَ ابْنُ أَبِي ذَكْوَانَ. 1889- حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَامِلِ إِذَا مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا فَأَنْفَقَتْ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ، يَقُولُ: " لَهَا النَّفَقَةُ مِنْ نَصِيبِهَا " وَقَضَى بِهِ ابْنُ الزُّبَيْرِ. 1890- حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " إِذَا مَاتَ عَنِ الْمَرْأَةِ زَوْجُهَا وَهِيَ حُبْلَى أَوْ غَيْرُ حُبْلَى فَنَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا ". 1891- حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، قَالَ: لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا نَفَقَةٌ، إِنَّمَا النَّفَقَةُ لِلْمُطَلَّقَةِ مِنْ زَوْجِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ ". 1892- حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ، قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى، عَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، أَنَّهُ قَالَ: " لَيْسَ لِلْمُتَوَفَّى عَنْهَا نَفَقَةٌ، حَسْبُهَا الْمِيرَاثُ ". 1893- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، " فِي الرَّجُلِ يَمُوتُ عَنِ امْرَأَتِهِ حَامِلا، قَالَ: نَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا " وممن قال بذلك من تابعهم ابن المسيب، والحسن، وعطاء بن أبي رباح. 1894- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ دَاوُدَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ فِي هَذَا: " إِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَقَعَ الْمِيرَاثُ مَوَاقِعَهُ ". 1895- حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ، قَالا: " نَفَقَتُهَا مِنْ نَصِيبِهَا " وَلَمَّا اخْتَلَفُوا فِي ذَلِكَ نَظَرْنَا فِيهِ، فَوَجَدْنَا الْمُطَلَّقَةَ الْمَبْتُوتَةَ الْحَامِلَ الَّتِي تَجِبُ لَهَا النَّفَقَةُ، الإِنْفَاقُ عَلَى زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ إِلَى انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِلا اخْتِلافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ، قَدْ بَيَّنَا فِيمَا تَقَّدَمَ فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّ النَّفَقَةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ لَهَا لِنَفْسِهَا، لا لِمَنْ هِيَ حَامِلٌ بِهِ مِنْ زَوْجِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا مِنَ الْكَلامِ فِي ذَلِكَ مَا يُغْنِينَا عَنْ إِعَادَتِهِ هَاهُنَا وَلَمَّا كَانَتِ النَّفَقَةُ إِنَّما تَجِبُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ الْحَامِلِ الْمُعْتَدَّةِ لاعْتِدَادِهَا مِنْ زَوْجِهَا الْمُطَلِّقِ لَهَا، وَكَانَتِ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إِذَا لَمْ يُعْلَمْ بِهَا حَمْلٌ، لا نَفَقَةَ لَهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ، وَجَبَ أَلا تَكُونَ لَهَا نَفَقَةٌ إِذَا كَانَتْ حَامِلا إِذْ كَانَتِ النَّفَقَةُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ، وَإِنَّمَا تَجِبُ لَهَا، لا لِمَنْ هِيَ حَامِلٌ بِهِ عَلَى مَا بَيَّنَا فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ وَهَكَذَا كَانَ مَالِكٌ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَزُفَرُ، وَأَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِمَّنْ سِوَاهُمْ مِنَ الطَّبَقَةِ الَّتِي بَعْدَ التَّابِعِينَ يَقُولُونَ فِي هَذَا الْبَابِ.
|